لقد شهدنا تحولاً هائلاً في قطاع الأغذية والمشروبات في الإمارات العربية المتحدة في السنوات الأخيرة، الأمر الذي جعلها مركزاً مهماً في عالم الطهي حاضناً لعدد كبير من المطاعم والمقاهي المحلية والعالمية.
لا يمكننا أن نتغاضى عن قطاع الطعام في دولة الإمارات كونها دولة رائدة في الشرق الأوسط ومركز عبور وموطن لأكثر من 13000 مطعم يقوم بإرضاء أذواق أكثر من 200 جنسية. لقد برزت دولة الإمارات العربية المتحدة كوجهة طهي إقليمية وعالمية أيضاً.
إذاً، كيف يبدو مستقبل الطعام في الإمارات العربية المتحدة في عام 2023؟ سألنا ستة من أبرز الطهاة من مطاعم حائزة على نجمة ميشلان في دولة الإمارات عن توقعاتهم في قطاع الطعام الآخذ بالتطور دائماً.
لنرى أجوبتهم!
الإبداع هو الأساس
نبدأ أولاً مع الشيف ريف عثمان، صاحب مطعم
ريف جابانيز كوشياكي، الحائز على جائزة بيب جورماند. يتميز الشيف عثمان بابتكاراته في الطهي ويرى أن للتفكير الإبداعي أثر كبير على مختلف الأصعدة، وقال "الجودة والنكهة والاستمرارية والإبداع والذكاء هي مكونات ضرورية، ولكن إن لم يتم تشجيع الإبداع، لكنا نتناول الطعام ذاته الذي أكله أسلافنا سابقاً. غالباً ما أفكر مع فريقي عن أطباق جديدة كل أسبوع، وفي بعض الأحيان كل يوم."
كما لاحظ الشيف عثمان مؤخراً ازدياد عدد المطاعم الآسيوية في دولة الإمارات العربية المتحدة ويتوقع أن هذا الازدياد في استمرار. ومع ذلك وبغض النظر عن وفرة الخيارات المتاحة، فهو يؤكد أن الإبداع والابتكار ضرورة أساسية في تميز المطاعم.
الاستدامة تتصدر
يقول الشيف نيكولاس ليموين من مطعم
براسوري بولود الموصى به من قبل ميشلان: "أرى المزيد من المطاعم التي تتبنى ثقافة الوعي بما يتعلق استخدام المنتجات المحلية والترويج لها".
في براسوري بولود، يمارس الطاهي ليموين هذه الفلسفة المستدامة من خلال تأسيس علاقات مع المزارعين والمنتجين المحليين للحصول على المكونات الصحيحة. بصفته واحداً من تلاميذ الشيف الشهير دانيال بولود، صاحب مطعم دانيال الحائز على نجمة ميشلان في مدينة نيويورك، وبصفته أيضاً رئيسَ الطهاة في أول مطعم لبولود في الإمارات، براسوري بولود، يعتقد الشيف ليموين أنه من الضروري على جميع من يعمل في مجال الطهي أن يمارس قيم الاستدامة لإحداث أكبر تأثير ممكن. ويقول "إنها مسؤولية أي متخصص في الطهي أن يكون على معرفة بما يتعلق بالمصادر والاستهلاك وأن يتخذ هذه الممارسة أسلوب حياة. إن التأثير الإيجابي الذي يمكن أن نحدثه على البيئة والصناعة والاقتصاد المحلي، يستحق بالتأكيد العمل من أجله بمجهود جماعي."
يوافقه في هذا الرأي الشيف آندي توه، الشيف التنفيذي لمطعم
هاكاسان الحائز على نجمة ميشلان، ويرى أن الاستدامة ستظل في الصدارة في عام 2023 فالطهاة باتوا يبحثون عن المنتجات المزروعة محلياً ويدعمون المزارع المحلية. "نحن نعمل مع مؤسسة نيو ليف ومزرعة چرين هارت للحصول على الأعشاب المحلية والمنتجات بحسب الموسم."
هوية هاكاسان متأصلة في المطبخ الكانتوني، لكن الشيف توه وفريقه في بحث دائم عن طرق للتطوير من تجربة تناول الطعام والارتقاء بها إلى آفاق جديدة من خلال تجديد الأطباق التقليدية واستكشاف تقنيات طبخ جديدة وتقديم إبداعاتهم بطريقة فريدة. "الاستمرارية هي العنصر الأهم. التطور مهم، ولكن يجب أن تكون الجودة عاملاً ثابتاً لإرضاء العملاء."
الطعام والترفيه
يلاحظ مدير الطهي كارلوس ديلوسموزوس من آدميند هوسبيتاليتي، الشركة المسؤولة عن مطعم
سوكر الأمريكي اللاتيني الموصى به من قبل ميشلان، زيادة العروض والتعاون بين الطهاة في المطاعم. "لم يعد الأمر يتعلق فقط بتناول وجبة جيدة خارج المنزل. أصبح الناس يبحثون عن الترفيه المرافق للعشاء وعن التجارب التي تمزج ما بين الطعام والمشروبات والديكورات الداخلية والأجواء العامة." هناك اتجاه آخر في دبي، وفقاً للشيف ديلوسموزوس، يتمثل في ازدياد عدد الأماكن الخارجية. "لقد تحولت النوادي الشاطئية إلى مطاعم تقدم المأكولات الراقية مما يثبت لنا أن تجربة الطعام خارج المنزل تتعدى تناول الطعام وحسب."
اتجاه محلي
يقول الشيف سليمان حداد، الشيف التنفيذي والمالك المشارك لمطعم
مونرايز: "لقد رأينا هيمنة السوشي والطعام الياباني والبرغر والقهوة المتخصصة عبر السنوات. ولكن الاتجاه الجديد هو انتشار المطاعم المحلية."
يوضح حداد، الذي حصل أيضاً على جائزة الطاهي الشاب من ميشلان في نسختها الأولى من دليل ميشلان دبي، "إن دعم المفاهيم المحلية آخذ في الازدياد كما ينبغي، لأنه هذه المطاعم تفهم طبيعة المنطقة وتسارع إلى معرفة ما يبحث عنه السكان هنا."
يأخذ فريق مونرايز بعين الاعتبار كل الخلفيات المتنوعة في دبي والمأكولات المختلفة التي يقدمها كل منهم وفي الوقت ذاته يعمل على بناء علاقات قوية مع العملاء والحفاظ عليها من خلال عروض الطعام والخدمات الممتازة. ويضيف الشيف حداد: "مطبخنا هو مطبخ دبي. وبالرغم من أهمية ملاحظة الاتجاهات العالمية خلال عصر وسائل التواصل الاجتماعي، عليك أيضاً الاستفادة من هذه الاتجاهات فقط إن كانت ذات صلة بمنطقتك وبما تقدمه."
مونرايز هو خير مثال لتوجه دولة الإمارات العربية المتحدة نحو دعم المطاعم المحلية التي تولد قصص نجاح مؤثرة، أما لضمان هذا النجاح فإنها تحتاج إلى دراسة السوق والتفكير بطريقة محلية.