يُشكّل المراقبون عماد دليل ميشلان منذ العام 1933 وجزءاً لا يتجزأ من هويته الفريدة. فلولاهم، لما كان من الممكن اختيار المطاعم المُدرجة فيه. سنكشف النقاب في ما يلي عن أسرار هذه الوظيفة التي أبهرت الكثيرين وأثارت فضولهم...
يتألف فريق المراقبين من محترفين يحبّون الاستكشاف ويعشقون فنّ الطهي. ويسافرون إلى 39 وجهة يغطيها دليل ميشلان حول العالم، بحثاً عن أفضل المطاعم التي تستحقّ التوصية بها لعشّاق الطعام. فكلّ مراقب يزور مختلف الوجهات، بدءاً من المطاعم في الفنادق الكبرى والمطاعم الحضرية، مروراً بالحانات والاستراحات الصغيرة، وصولاً إلى أكشاك الطعام في الشوارع، ويتناول أكثر من 250 وجبةً سنوياً من دون الإفصاح عن هويته، ويوثّق تجاربه هذه بالتفصيل في التقارير التي يُعدّها.
“يتصرّف المراقب كعميل عادي، ليضمن أن يستمتع القرّاء بالتجربة نفسها التي حصل عليها.”
بخلاف المفهوم الخاطئ الذي يصوّر مراقب دليل ميشلان كمحقق جادّ يدوّن ملاحظات مفصّلة عن كل طبق يتناوله في دفترٍ، يتصرّف المراقب كعميل عادي، ليضمن أن يستمتع القرّاء بالتجربة نفسها التي حصل عليها. وبالتالي، يُشكّل استقلاله وعدم الإفصاح عن هويته أقوى سلاحٍ في جعبته! فهو يحجز طاولة باسم مستعار، ويطلب وجبة غداء أو عشاء، ويسدد الفاتورة بالكامل كسائر الضيوف.
ولكن، لا بُد من الإشارة إلى أنّه لا يمكن لأي شخص أن يكون مراقباً، إذ تتطلب هذه الوظيفة خبرة ملموسة ومهارات محددة. في الواقع، يجب أن يتمتّع المراقب بخبرة واسعة لا تقلّ عن 10 سنوات في قطاع المطاعم والفنادق، وبذوقٍ رفيع يخوّله الحكم على أطباق المطعم بموضوعية وبدون التأثر بتفضيلاته الشخصية، فضلاً عن إلمام واسع بالمنتجات والعوامل البيئية وثقافات الطهي حول العالم.
يسترشد المراقبون بخمسة معايير لتقييم المطاعم، ألا وهي جودة المكوّنات، ومدى إتقان أساليب الطهي، وتناغم النكهات، وشخصية الشيف التي تنعكس في أطباقه، ودرجة اتّساق قائمة الطعام بأكملها وفي كل الزيارات. تُشكّل هذه المعايير الدعامة التي يتّكئ عليها المراقبون عالمياً، بحيث تضمن تجانس المطاعم المُدرجة في الدليل. وبما أنها تنطبق على المأكولات التي يقدّمها المطعم حصراً، فتتيح تقييم مختلف أنواع المطاعم وتجارب الطعام، بدءاً من قاعات الطعام في تايوان وصولاً إلى المطاعم في الفنادق الفاخرة في باريس.
باختصار، إنّ المراقبين هم محترفون مخضرمون يدفعهم حبّهم للاستكشاف وخبراء متمرّسون يستهويهم فنّ الطعام. فهم يعشقون استكشاف ساحة المأكولات والمشروبات في جميع أنحاء العالم، وتتبُّع تطوّر الوجهات الجديدة، واكتشاف أصحاب المواهب، ومشاركة نصائحهم حيثما كانوا. ويتصدّر رضا رواد المطاعم الذين يثِقون بتوصياتهم قائمة أولوياتهم.
يعمل المراقبون كفريق، ويحدّثون خياراتهم ويتّخذون قراراتهم بطريقة جماعية، بناءً على زياراتهم لكل مطعم على مدار العام. ويتمثّل الهدف في تقديم توصيات موضوعية وحديثة قدر الإمكان، والحفاظ على أهمية هذه الجائزة نفسها من طوكيو إلى سان فرانسيسكو، ومن كوبنهاغن إلى إسطنبول.
يتم تحديد المطاعم التي ستُمنح نجوم ميشلان الشهيرة خلال اجتماعات خاصة يحضرها المدير الدولي لدليل ميشلان والمحرّر المحلي وكافة المراقبين المشاركين في القرار. ولا شكّ في أنّ النجوم هي محطّ اهتمام وتقدير كبيرَين، فيتم منحها بالإجماع. وفي حال لم يتم حلّ خلاف حول مطعم ما، يتم تنظيم زيارات إضافية حتى يتم التوصّل إلى توافق في الآراء!
موظّفون سرّيون ينطلقون كل يوم بحثاً عن أفضل المطاعم في العالم... إنّهم المراقبون لدى دليل ميشلان. يفصح لنا أحد هؤلاء المراقبين عن الحقائق المجرّدة حول هذه الوظيفة الفريدة.